منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 18 Feb 2008, 03:03 PM
أبو أنس عبد الهادي أبو أنس عبد الهادي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: الجزائر - مدينة سعيدة
المشاركات: 361
افتراضي تفريغ محاضرة: "الأصول التي قامت عليها عقيدة أهل السنة والجماعة"، لفضيلة الشيخ صالح الفوزان

الأصول التي قامت عليها أهل السنة والجماعة



لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه وسار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين؛

أما بعد: فقد كان الناس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء، قد اندثرت آثار الرسالات السابقة فاستحكم أمر الجاهلية، وصاروا متفرقين متشتتين متناحرين، لا رابطةَ تجمعه ولا عقيدةَ ينضوُون تحتها، وليس عندهم كتاب من الله يستنيرون به ويستضيئون بضوئه، لأن الكتب السابقة حُرّفت وغُيّرت، وانقرض أكثرها، فبقوا بقت البشرية في ظلام دامس من جميع النواحي.
ولكن الله سبحانه وتعالى برحمته تكفل أنه سبحانه يرسل الرسل لهداية الناس فيما اختلفوا فيه ولا يتركهم في ضلالتهم وجهالتهم، بل إنه سبحانه وتعالى اقتضت رحمته بعباده أنه يرسل الرسل عندما تشتد الحاجة إليهم، وقد اشتدت الحاجة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى رسول يبين لهم ويهديهم الصراط المستقيم ويضيء لهم المنهج الذي يسيرون عليه، فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة، "قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، فقام صلى الله عليه وسلم ممتثلا أمر الله في قوله تعالى: "(بسماللهالرحمنالرحيم)
يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ"، فقام صلى الله عليه وسلم وحيدا في العالم يدعوا إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يتبعه إلا أفراداً من الناس قليلين على خوف من الكفار، فصاروا يسلمون الواحد بعد الواحد، والعربُ والعجم كلهم ضد هذه الدعوة المباركة، ثم إنه صلى الله عليه وسلم واصل الدعوة، فاجتمع حوله من اجتمع من المسلمين السابقين على خفية من أعدائهم، ثم إنهم تزايدوا وتزايدوا حتى كثروا، ولكن لا يزال الخناق مضيقا عليهم في مكة، وقابلوا من الكفار الأذى الكثير والضغط الشديد، يريدونهم أن يرجعوا عن اتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، وما يزيدهم ذلك إلا قوة وثباتا، ثم أذن الله لرسوله وللمسلمين بالهجرة، وهي الانتقال من بلد الكفر إلى بلد يظهرون فيه دينهم، فهاجروا إلى الحبشة عند ملك يقال له النجاشي من النصارى، لا يظلم عنده أحد، فصاروا هناك في منجى من أذى الكفار، وحاول الكفار استرداهم فلم يفلحوا، ثم إن الله من على هذا الملك فأسلم، النجاشي أسلم ودخل في دين الله عز وجل، ثم بلغ المسلمين أن ضغط الكفار قد خف أو أنهم قد تراجعوا عن معارضتهم فعادوا إلى مكة فوجدوا الأمر أشد مما كان، ثم عاودا الهجرة إلى الحبشة، الهجرة الثانية إلى الحبشة، ثم أذن الله لرسوله الهجرة إلى المدينة بعدما جاء ناس من أهلها إلى الحج وعرض عليهم النبي صلى الله عليه وسلم دعوته، فدخلت في قلوبهم، وأسمعهم القرآن، وقالوا: إن هذا لهو النبي الذي تهددكم به اليهود، لأن المدينة كان فيها طوائف من اليهود يهددون الأنصار، الأوس والخزرج لم يسموا بالأنصار إلا بعد، كانوا يسمون الأوس والخزرج، فكان اليهود يهددونهم بأنه سيبعث نبي فنجاهدكم معه، "وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِعَلَى الْكَافِرِينَ"، هذه اليهود، قال: لهو النبي الذي تهددكم به اليهود، فلا يسبقوكم إليه، فآمنوا به وبايعوه، ثم في السنة الثانية قدم وفد أكثر من الوفد الأول، في البيعة الثانية، وتمت الاتفاقية بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يهاجر إليهم وأن يحموه مما يحمون منه أنفسهم وأولادهم، فأذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة ولحق بهم صلى الله عليه وسلم أخيرا، وتكونت دار الهجرة، تكون المجاهرون والأنصار هناك، فقَوَّا الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وكانت أول وقعة حصلت في بدر هزم الله بها المشركين وقتل رؤوس الكفر، فانتصر المسلمون في بدر الكبرى؛ وهذا يصوره قوله تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ"؛ هذه نشأة الإسلام شيئا فشيئا حتى قوي، وأذن الله لرسوله بالجهاد في سبيل الله عز وجل، وتآخى المسلمون على اختلاف ألوانهم ولغاتهم، تآخوا وصاروا إخواننا متحابين بدل أن كانوا متعادين متقاطعين، اجتمع الأوس والخزرج الذين كانوا في الجاهلية على حروب بينهم طاحنة، اجتمعوا وصاروا إخوة؛ وبينما هم كذلك حاول اليهود تفريقهم، فلما مر يهودي وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج مجتمعين في مكان متحابين متآخين ساءه ذلك، فجاء وجلس إليهم وذكّرهم بما كان بينهم في الجاهلية من الحروب والثارات والأشعار المهيجة، فحينئذ ثارت ثائرة الحيَّين وتواعدوا القتال، تأثُّرا بهذا اليهودي، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصلح بينهم وأنزل الله تعالى قوله: "وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"، فعند ذلك قام بعضهم إلى بعض يتعانقون ويسلم بعضهم على بعض، وأبطل الله مكيدة هذا اليهودي، ثم حاولوا مرة ثانية فقالوا -كما ذكر الله عنهم-: "وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"، حاولوا أن يسلموا ثم يرتدوا في اليوم الواحد، حتى إذا رآهم الناس اقتدوا بهم وخرجوا من الدين وارتدوا عن دين محمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم أهل كتاب، ويقولون: ما تركوا هذا الدين إلا لأنهم أهل كتاب ويعرفون أن هذا الدين لا يصلح، هذه مكيدة أبطلها الله جل وعلا، "وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"، فبطلت هذه الحيلة للمرة الثانية، ثم إنهم حاولوا للمرة الثالثة فدسّوا على المسلمين رجلا يهوديا تظاهر بالإسلام من أهل اليمن، يقال له: ابن السَّودة من يهود اليمن عبد الله بن سبإ، فجاء الخبيث مظهرا للإسلام في خلافة عثمان رضي الله عنه، فصار يهيج الناس عليه، يحرضهم على الخليفة، فاتبعه من اتبعه من قاصري النظر وضعيفي العقول، فحصلت الفتنة بقتل عثمان رضي الله عنه، وظن اليهود أنهم بهذا يقضون على الإسلام، ولكن -والحمد لله- هو إن حصل فتنة وقُتل من قُتل من المسلمين، لكن الإسلام عزيز -ولله الحمد-، ولم يؤثروا ولن يؤثروا فيه، لم تؤثر فيه هذه الفتنة؛ والحاصل أن اليهود ما يزالون "وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا"، و"وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ"، "وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا"، "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ"، فهم لا يزالون على هذا الحقد لهذا الدين، " يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"، والله جل وعلا قال لنا: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ"، قال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ"، حذّرنا من طاعة الكفار والمنافقين وطاعة اليهود والنصارى، مما يدل على أن كيدهم سيستمر ضد الإسلام، فنكون على حذر؛ ولا منجاة لنا إلا بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم عند ظهور الفرق والفتن، في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، فأخبر صلى الله عليه وسلم عن حدوث الاختلاف من بعده، وأمر عند ذلك بثلاثة أمور:
أولا: تقوى الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره وترك نواهيه والتمسك بدينه وبحبله، "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تقوى الله؛
ثم الأمر الثاني: السمع والطاعة، السمع والطاعة لولي أمر المسلمين، واجتماع الكلمة، وعدم التفرق والاختلاف، لأن ولي أمر المسلمين يكون ترسا يتترس به المسلمون ضد ما يضرهم، فإمام المسلمين تجتمع عليه الكلمة، وهو الذي يقيم الحدود، وهو الذي ينصف المظلوم من الظالم، يرد الحقوق إلى مستحقيها، وهو الذي يقيم الجهاد في سبيل الله، وهو الذي يرجع المسلمون إليه عند الاختلاف، وولي أمر المسلمين له مكانة عظيمة في الإسلام، وله آثار عظيمة، ولا يصلح المسلمون بدون إمام، لا يصلح المسلمون بدون إمام ولا لحظة واحدة، ولهذا لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم لم يشتغلوا بجنازته عليه الصلاة والسلام حتى نصبوا إماما يخلفه، وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، مما يدل على أن وجود الإمام ضرورة، لأنه هو الذي يقود الجماعة، والله أمرنا بالجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، فلذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "والسمع والطاعة"، يعني: لولي الأمر، وإن تأمر عليكم عبد، الله جل وعلا قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ"، فهذا من جملة ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند الفتن، الاجتماع مع جماعة المسلمين وتحت راية إمام المسلمين؛
ثم الأمر الثالث: التمسك بالسنة، "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"، عند الفتن لا منجاة منها إلا باتباع الكتاب والسنة، وهذا ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وفي غيره؛ فهذه الضوابط التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم عند حدوث الفتن وبها النجاة من الفتن تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"، فلا بد من إمام ولا بد من منهج، والمنهج هو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين؛ امتثل المسلمون هذه الوصايا فقامت دولتهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء الراشدين.
ثم حدثت الفتن التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهرت الفرق؛ فأول فرقت ظهرت فرقة الشيعة الذين يطعنون في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الخلفاء الراشدين، ويزعمون أنهم يتبعون أهل البيت، وأن الحق لأهل البيت بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن عليا هو الوصي بعد رسول الله، وأن خلافة أبي بكر وعمر وعثمان كلها ظلم واغتصاب للخلافة كما يقولون، فهؤلاء الشيعة الذي بذرتهم الأولى ابن سبإ اليهودي كما سمعتهم، ولا يزال كيدهم للإسلام والمسلمين؛ ثم ظهرت فرقة القدرية، الله جل وعلا جعل الإيمان بالقضاء والقدر من أصول الإيمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عن الإيمان، قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"، والقدر: هو ما يقدره الله سبحانه وتعالى على عباده، فالقدر بيد الله، ولا يجري شيء إلا بقضاء و قدر، قال تعالى: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"، وقال سبحانه: "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً"؛ فظهرت القدرية وهم على فريقين: غلاة ونفاة، فالغلاة: هم الجبرية الذين يغلون في إثبات القدر وينفون اختيار العبد ويقولون أن العبد مجبور على أفعاله، ليس له فيها اختيار، هؤلاء يغلون في إثبات القدر ويسلبون اختيار العبد وفعله؛ وعلى النقيض: النفاة الذين ينفون القدر، ويثبتون اختيار العبد وينفون القدر، ويقولون أن العبد يخلق فعل نفسه ولم يقدر الله عليه شيئا، وإنما هذا شيء هو الذي يحدثه مستقلا عن قضاء الله وقدره؛ وعلى هذا المعتزلة، ومن سار على نهجهم، هذا الافتراق في القدر؛
أما أهل السنة والجماعة، فيؤمنون بالقضاء والقدر كما جاء في الكتاب والسنة، ولكنهم يؤمنون أيضا بإثبات أفعال العبد، فيجمعون بين الأمرين: أن الله قدر، وأن العبد يفعل باختياره ومشيئته وله قدرة على الترك وعلى الفعل، فهذه فرقة القدرية؛
وعلى المذهب الأول -الجبر- الجهميةُ أتباع الجهم بن صفوان، وعلى الطرف الثاني: المعتزلة وإمامهم واصل بن عطاء، عمر بن عبيد وغيرهم، هؤلاء القدرية وهذه فرقتهم، ثم ظهرت فرقة الجهمية أتباع الجهم بن صفوان، ولهم مذاهب قبيحة، ينفون أسماء الله وصفاته وينفون اختيار العبد وفعل العبد، ويزعمون أنه مجبر على فعله كما سبق، ويقولون بالإرجاء أيضا، كما يأتي، وعلى نقيضهم المعتزلة، هؤلاء هم القدرية بقسميهم؛ ثم ظهرت فرقة الخوارج، وهذا في أصحاب الكبائر، أصحاب الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، لكن قد يحصل منهم ذنوب كبائر، لكنها دون الشرك، كالزنا والسرقة وشرب الخمر، أكل الربا وغير ذلك، هذه كبائر؛ والكبائر على قسمين: القسم الأول: الشرك، وهذا أكبر الكبائر، وهذا لا يغفره الله إلا بالتوبة، وأما بقية الكبائر فهي تحت مشيئة الله، "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً"، "وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً"، فالشرك لا يغره الله إلا بالتوبة، أما ما عداه فإنه تحت مشيئة الله، إن شاء الله عذب صاحبه وإن شاء غفر له، ولكنه لا يخرج من الدين، الخوارج قالوا: يخرج من الدين، صاحب الكبيرة يخرج من الدين، فكفّروا المسلمين بالكبائر، وكفّروا من خالفهم في هذا المذهب واستحلوا دماء المسلمين على أنهم كفار عندهم، هذا مذهب الخوارج ينشأ من الكبيرة، يضاف أيضا إلى ذلك بناء على أنهم يكفرون بالكبيرة خرجوا على ولاة أمور المسلمين، إذا حصل من الوالي معصية أو مخالفة فإنهم يكفرونه، وبالتالي يخرجون عليه ويقاتلونه، هذا مذهب الخوارج، يجمع بين الأمرين: الخروج على ولي أمر المسلمين بحجة أنه فعل كبيرة دون الشرك، ثم بالتالي يخرجون عليه ويسفكون دماء المسلمين الذي يخالفونهم في هذا الاعتقاد الباطل، فكم قتلوا من المسلمين كما أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "يقتلون أهل الإيمان ويدعون أهل الأوثان" هذه صفات الخوارج -والعياذ بالله- فرقة مارقة، "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فسادهم كبير لأنهم يسفكون الدماء ويفرقون جماعة المسلمين وينقضون عصا الطاعة ويفرقون الجماعة، وهذا من أعظم الأخطار التي تحصل للمسلمين بسبب هذا المذهب الخبيث وهذه الفرقة، ولهذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على قتالهم، وقال: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد"، مع أنهم يعبدون الله ويصلون الليل ويصومون النهار وتوَسّمت جباههم من كثرة السجود، لكن ليسوا على فقه وليسوا على علم وليسوا على منهج السلف، فلذلك لم تنفعهم عبادتهم وصلاتهم وصيامهم، قال: "يمرقون من الدين"، "يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم، صومه عند صومهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"، نسأل الله العافية، هذه فرقة الخوارج -نسأل الله العافية-.
هذه فرق ظهرت وتجذرت في الإسلام، ولها فرق انشقت عنها وتنوعت حتى بلغت مبلغا كبيرا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثلاث وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي"، من هنا نعرف مذهب أهل السنة والجماعة الذي هو مذهب النجاة، نجوا من النار، واثنتين وسبعين فرقة في النار إلا هذه الفرقة، ولذلك سميت بالفرقة الناجية، يعني: الناجية من النار، سموا أهل السنة: لأنهم يتبعون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، سموا بالجماعة: لأنهم يجتمعون على ولي أمر المسلمين ويجتمعون مع جماعة المسلمين، ولا يخالفون بأمر يضر المسلمين، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة.
نريد أن نعرف أصول مذهبهم والأصول التي يمشون عليها، لعل الله أن يجعلنا منهم، وأن يجنبنا طريق الفرق الضالة، لها أصول:
الأصل الأول: الإيمان بالله عز وجل، يؤمنون بالله الإيمان الصحيح، يؤمنون بتوحيد الربوبية وبتوحيد الألوهية وبتوحيد الأسماء والصفات، يؤمنون بالرسل، يؤمنون بالكتب، يؤمنون بالبعث، يؤمنون بالقدر، كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم، لما سأله جبريل قال: "أخبرني عن الإيمان"، قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"، هذه أصول مذهبهم، وعندهم أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، مجتمع من هذه الأمور، قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، لا يكون الإيمان إلا بمجموع هذه الأمور، هذا هو الإيمان، الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وهذا منهجهم، يؤمنون بالله على مقتضى ما جاء في الكتاب والسنة من توحيد الله عز وجل وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بأسمائه وصفاته، الإيمان بالملائكة، بالرسل، بالكتب باليوم الآخر، بالقدر خيره وشره، هذا منهجهم، الإيمان.
ثانيا: من أصولهم اتباع الكتاب والسنة، لا يستدلون إلا بـ: "قال الله قال رسوله" أو إجماع المسلمين، لا يستدلون بقواعد المنطق وعلم الكلام وما عليه أهل الضلال، إنما دليلهم الكتاب والسنة دائما وأبدا، مع فهم الكتاب والسنة، مع الفهم، وإلا كل يدّعي أنه يتبع الكتاب والسنة، لكن الفهم، الفهم الصحيح للكتاب والسنة.
ثالثا: أنهم يحبون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يفرقون بينهم، يحبون المهاجرين والأنصار، يحبون أهل البيت، لا يفرقون بين الصحابة فيقولون: هؤلاء أهل البيت وهؤلاء غير أهل البيت، لا، أهل السنة والجماعة لا يفرقون بين الصحابة، ويعرفون لأهل البيت حقهم قرابَتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن لا يغلون فيهم كما تغلوا الشيعة، بل يحبون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله جل وعلا: "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ"، أما الشيعة فإنه يغلون في أهل البيت ويجفون في حق الصحابة ويكفرونهم، يصفونهم بالظلم والطغيان -والعياذ بالله-، أما أهل السنة فإنه يحبون صحابة رسول الله لأن الله أثنى عليهم ومدحهم والرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بهم فقال: "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه"، "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ"، فلا يغتاظ من الصحابة إلا كافر -نسأل الله العافية-، "لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ"، والله أثنى عليهم: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً"، صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن أصول أهل السنة والجماعة احترام أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم والثناء عليهم والاقتداء بهم، "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ"، هذا بعد قوله تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ"هذه في المهاجرين، في الأنصار:"وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ " ثم قال:"وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ " إلى يوم القيامة "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية: "ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
ومن أصول أهل السنة والجماعة -كما سبق- طاعة ولي أمر المسلمين، وعدم الخروج عليه، وعدم نشر نقائصه وما عنده من الخلل على الناس في المنتديات أو في المجالس أو في الخطابة أو في الأشرطة، بل إننا نحترم ولاة أمور المسلمين، وإن كان عندهم أخطاء فإنهم ولاة أمور المسلمين، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بطاعتهم ونهى عن الخروج عن طاعتهم ونهى عن سبهم وتنقصهم، لكن هذا لا يمنع المناصحة لهم، إذا حصل خلل أن يناصحوا، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم"، فمن النصيحة لهم بيان الخطأ الذي يقع أو يحصل، يستدركون ويكون هذا سرا بين الناصح وبين المنصوح، لا فضيحة وإنما هو سر، يوصِّل لنصيحة لهم، وهذا من حقهم عليه، ومن حق المسلمين عليك، كذلك من نصيحة ولاة الأمور القيام بالأعمال التي ينيطونها بك الوظائف، النصيحة أن تقوم بالعمل الذي ولاّك عليه ولي الأمر، ولا تخن فيه أو تتساهل فيه، كذلك من النصيحة لهم الدعاء لهم بالصلاح والاستقامة، الدعاء لهم، قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان"، لأن صلاح السلطان صلاح للإسلام والمسلمين، وكف الألسنة والأقلام عنهم والتهييج عليهم، هذه طريقة الخوارج وطريقة الشيعة، أما طريقة المسلمين فإنهم يحترمون ولاة أمورهم ويناصحونهم ويدعون لهم ويتعاونون معهم على البر والتقوى.
كذلك من أصول أهل السنة والجماعة القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة، قال صلى الله عليه وسلم: "من رأى من منكرا فلغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، ولكن الإنكار يكون بالطرق الشرعية، لا يكون بالاعتساب، لا يكون بالشدة والغلظة والقسوة، إنما يكون بالطرق الشرعية التي يزول بها المنكر أو يخف، أما الأسلوب القاسي والأسلوب المنفر، هذه طريقة المعتزلة، المعتزلة من أصولهم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن معناه الخروج على ولاة الأمور، يعبرون الخروج على ولي الأمر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ضلال -والعياذ بالله-، هذا هو المنكر، الخروج على ولي أمر المسلمين هذا هو المنكر، هم يقولون: لا، هذا من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، هذه طريقة المعتزلة، الخروج على ولاة الأمور، التشدد في القول أو في الفعل، الواجب على المسلم أنه يتلطف مع العاصي وينهاه ويبين له الحكم الشرعي، ويسرر له سرا ولا يفضحه عند الناس، هذه هي الطريقة، قال الله جل وعلا: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد منه، لكن لا بد أن يكون على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يشتد الإنسان في ذلك ولا يتساهل في هذا، وإنما يتبع الطريق الوسط الذي به يزول المنكر أو يخف، وتبرأ به الذمة، هذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند أهل السنة والجماعة على ما جاء به الشرع المطهر وما أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم.
كذلك من أصول أهل السنة والجماعة أن الأعمال التي يختص بها الإمام ينيطونها به، مثل: الجهاد، الجهاد واجب على المسلمين عند الاستطاعة وبه يحفظ الدين وتصان كرامة المسلمين، لكن الجهاد من صلاحيات ولي أمر المسلمين، وهو الذي ينظر فيه ويأمر به ويعِد العدة له ويتولاه بنفسه أو يوكل من يقود الجيش أو السريّة، هي من صلاحيات ولي الأمر، أما أن كل واحد يأخذ سلاحه أو يأخذ تفجيره ويفجر ويضرب ويقول: هذا من الجهاد! هذا كذب على الإسلام، ليس هذا من الجهاد، فالجهاد من صلاحيات ولي أمر المسلمين، ولهذا يذكر المسلمون في عقائدهم ومن أصولهم في العقيدة: الجهاد مع الإمام، الجهاد مع الإمام سواء كان برا أو فاجرا، مع الإمام قالوا، لأنهم من صلاحياته، أما أن الجهاد يكون فوضى فهذا ليس جهادا، وإنما هذا فساد، نسأل الله العافية، فمن أصول أهل السنة والجماعة في الجهاد أنهم يتْبعون فيه ولي أمر المسلمين، فيجاهدون معه ويدافعون معه عن المسلمين وعن الإسلام، ويد الله على الجماعة، أما الفوضى فهذه لا يقرها الإسلام، فهذه من أصول أهل السنة والجماعة.
كذلك من أصول أهل السنة والجماعة النصيحة، النصيحة للمسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، فالنصيحة مطلوبة، والغش محرم، غش المسلم في المعاملة، غش المسلم في الرأي إذا استشارك، غش المسلم في إفشاء سره، هذا من خلاف النصيحة، النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، قال عليه الصلاة والسلام: "من غشنا فليس منا"، وقال عليه الصلاة والسلام: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، إلى غير ذلك من الأمور، فالمسلم يكون مع المسلمين يؤلمه ما يؤلمهم ويسره ما يسرهم، "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"، والله جل وعلا قال: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"، فهذه جملة من أصول أهل السنة والجماعة، نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على دينه الحق وصراطه المستقيم، وأن يجعلنا وإياكم وجميع المسلمين متمسكين بكتابه سائرين على منهج رسوله صلى الله عليه وسلم متبعين لصحابته الأطهار الأبرار محبين لهم مقتدين بهم، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, الفوزان, توحيد, عقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013